قراءة في مقال أحمد المطيلي: "من المركزية الأوربية إلى سرقة التاريخ" نشر على صفحات "أنفاس بريس" – الخميس 8 ماي 2025

 



في مقاله المنشور ضمن باب "كتاب الرأي" بموقع أنفاس بريس، يقدم الدكتور أحمد المطيلي مقاربة نقدية حادة لمسألة المركزية الأوروبية في كتابة تاريخ العلوم والفكر الإنساني، كاشفا النقاب عن التحيزات المعرفية التي طبعت سرديات التاريخ الغربي منذ عصر النهضة، والتي أدت إلى ما يسميه "سرقة التاريخ".


ينطلق الكاتب من ملاحظة راسخة في منهجيات تأريخ العلوم: تركيز جل المؤرخين على الحضارة الإغريقية والرومانية، مع تجاهل واضح لما سبقها من حضارات شرقية عظيمة مثل المصرية، والهندية، والصينية، وما تلاها من منجزات بارزة للحضارة الإسلامية. وبدلا من التعامل مع هذه الحضارات كجزء من سيرورة تراكمية للمعرفة الإنسانية، يتم القفز مباشرة من الإغريق إلى أوروبا الحديثة، وكأن ألف سنة من الإبداع العلمي والفكري الإسلامي لم تكن.


يندد المطيلي بما يسميه بـ"المنظور الأحادي للتاريخ"، الذي يرى في الحضارة الأوروبية محور الكون ومصدر الحداثة الوحيد، متجاهلا حقائق التلاقح الحضاري والتاريخي. ويستشهد في هذا السياق بمواقف مفكرين بارزين، مثل إرنست رينان الذي اعتبر الحضارة اليونانية "معجزة لا تتكرر"، وبأعمال جاك جودي الذي فضح في كتابه "سرقة التاريخ" هذا التلاعب في نسب الإنجازات الفكرية إلى الغرب.


يظهر المقال كذلك الأبعاد الاستعمارية والعنصرية لهذه الرؤية التاريخية، حيث يتم التقليل من شأن الشعوب غير الأوروبية، بل وتصويرها وكأنها عاجزة عن الإبداع العقلي أو اللحاق بركب الحضارة. ويدين المطيلي هذا الإقصاء المعرفي، ليس فقط حين يصدر من الغرب، بل خصوصًا عندما يتبناه باحثون عرب ومسلمون نتيجة الاغتراب الثقافي و"الاقتياد بالغالب" وفق تعبير ابن خلدون.


وفي ختام مقاله، يدعو المطيلي إلى ضرورة إعادة كتابة تاريخ العلوم، بما ينصف مساهمات الحضارات غير الأوروبية، وعلى رأسها الحضارة الإسلامية. ويحث الجامعيين في العالم العربي على النهوض بهذه المهمة الفكرية النبيلة، معتبرا إياها مسؤولية معرفية وتاريخية، من أجل تصحيح السردية العالمية حول تطور الفكر الإنساني.


خلاصة القول، إن مقال أحمد المطيلي يمثل صوتا ناقدا شجاعا للتاريخ الرسمي الذي يروجه الغرب، ويعد لبنة مهمة في مشروع فكري يدعو إلى تفكيك المركزية الغربية وإعادة الاعتبار لعدالة المعرفة وتعدد مصادرها الحضارية.


قراءة بقلم المصطفى توفيق 

باحث في علم النفس الإكلينيكي والمرضي 



رابط مقال أحمد لمطيلي 

https://anfaspress.com/news/voir/150976-2025-05-08-11-43-59